Tuesday, January 28, 2014

عن الوحدة الفكرية


كنت و مازلت أقاوم الوحدة كثيراً، الوحدة التي تتغلل في عمق النفس، تصل لأبعاد لا تعلم أنها موجودة في الأصل، الوحشة المظلمة في دواخل نفس كل منا..كنت و مازلت أقومها، و اتحداها، و أحاول هزيمتها..حتى تعودت عليها، أستأنست الوحشة و أدركت أنه قد تكون الوحدة هي الأصل، هي الأساس.. و ما غيرها..استثناء؟

يمر كل منا بفترة في حياته، قد ترتبط بالسن، بداية الانفصال عن الحياة العائلية المعتَمِدة، أو بداية الشك في الأساسيات، بداية التحرر أو هكذا نظن؟ بداية الفطام عن البراءة و الاصطدام بالواقع.. قد تكون محظوظاً، فيبعث الله لك برفيق في الطريق، ليؤنسك و يؤكد لك في بعض لحظات الشك القاتلة أنه يوجد حقيقة ما يسمى بالإيمان، إنه ليس خيالاً أو سراباً نجري ورائه..

الوحدة الواصلة إلى الأعماق، في العادة مختفية، متوارية في الظلال..تخرج عندما أستيقظ من النوم، ضعيفة و غير قادرة على جدال فكري.. حينها أفكر في حياتي، أحاسبني على حزن حاربته كثيراً، و أنكرته كثيراً..أفكر فلا أجد لتفكيري نهاية..ترن أفكاري كقطع معدنية في بئر عميق..أفكر عندما أضحك عالياً و أتسائل إن كنت أضحك من القلب كما يبدو، أحب من يثني على ضحكتي العالية فيؤكد لي إنها حقيقية و يطرد الشك إلى حين.

الوحدة هي أن تكون وسط أقرب الناس إليك و لا يفهمونك. الوحدة هي أن تحزن ولا تجد لحزنك سبب منطقي أو مخرج أو حل. الوحدة هي أن تتوحد مع الألم فيصير جزء منك، لا ينفصل عنك و لا يمكنك الابتعاد عنه. الوحدة في داخلك، لا علاقة لها بالظروف في حقيقة الأمر. الوحدة ممتعة في أحيان و مؤلمة في أحيان، فيا ويلك إن أمتعك الألم فأصبح هو الرفيق.

كن وحيداً و لا تثقل على من حولك، هكذا أفكر و هكذا أحاول و هكذا لا أجيد التنفيذ، فأخرق العهد و اتكلم ثم اتكلم ثم اتكلم ثم اسكت حينما أدرك أنه لا أحد يقدر أن يستوعبني أو يفهمني في ذات اللحظة، أعود فارغة الطاقة، بحة الحنجرة، منهكة المشاعر، و وحيدة أكثر من ذي قبل.

تعودت أن أحب نفسي و أحب أن اتسامر معي، أكلمني، و أوبخني و أشاركني أحزاني، تلذذت التوحد و اخترته و أدركته في داخلي كحقيقة واقعية أن الفراغ الداخلي قد يكون أوسع من فراغ الكون...

No comments:

Post a Comment